کد مطلب:266702 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:206

الفرق بین الغیبة و عدم الوجود
فأن قیل: أیّ فرق بین وجوده غائباً لا یصل إلیه أحدٌ ولا ینتنفع به بشر، وبین عدمه؟!

وألا جاز أن یعدمه الله تعالی، حتی إذا علم أنّ الرعیّة تمكّنه وتسلّم له أوْجده، كما جاز أن یبیحه الاستتار حتی یعلم منهم التمكین له فیظهره؟!

وإذا [1] جاز أن یكون الاستتار سببه إخافة الظالمین، فألا جاز أن یكون الإعدام سببه ذلك بعینه؟!

قیل [2] : ما یقطع - قبل أن نجیب عن سؤالك - علی أنّ الإمام لا یصل إلیه أحد ولا یلقاه؛ لأن هذا الأمرمغیب عنّا، وهو موقوف علی



[ صفحه 56]



الشكّ والتجویز.

والفرق بعد هذا - بین وجوده غائباً من أجل التقیّة، وخوف الضرر من أعدائه، وهو فی أثناء ذلك متوقِّع أن یُمكّنوه ویزیلوا خیفته فیظهر ویقوم بما فوّض إلیه من أُمورهم؛ وبین أن یعدمه الله تعالی - جلیُّ واضح:

لأنّه إذا كان معدوماً، كان ما یفوت العباد من مصالحهم، ویعدمونه من مراشدهم، ویحرمونه من لطفهم وانتفاعهم به منسوباً إلیه تعالی، ومعضوباً [3] لا حجّة فیه علی العباد، ولا لوم یلزمهم ولا ذمّ.

وإذا كان موجوداً مستتراً بإخافتهم له، كان ما یفوت من المصالح ویرتفع من المنافع منسوباً إلی العباد، وهم الملومون علیه المؤآخذون به.

فأمّا الإعدام فلا یجوز أن یكون سببه إخافة الظالمین؛ لأنّ العباد قد یٌلجئ بعضُهم بعضاً إلی أفعاله.


[1] في «ب»: فإذا.

[2] في «أ» و«ب»: فإن قيل. غلط.

[3] كان في «ب»: ومعصوماً. وفي «ج»: ومعضوباً به.

والمعضوب من الرجال: الضعيف، والعضب: القطع، ورجل معضوب اللسان إذا كان مقطوعاً، عييّاً، فَدْماً.

أُنظر: الصحاح 1 / 184، لسان العرب 1 / 609 - عضب.

والظاهر أنّ جملة «ومعضوباً...» جواب ثانٍ لـ «إذا...» المتقدّمة.